د. عبدالله صادق دحلان
التعليم هو الأساس الذي تُبنى به الأمم، وهو الاستثمار الفعلي الذي يضمن مستقبلًا أكثر إشراقًا، فشباب وشابات الوطن هم الثروة التي لا تنضب، وبهم تُصنع التنمية المستدامة وتتحقق رُؤية المملكة 2030، وفي يومنا الوطني، نستعيد مسيرة التعليم في المملكة، ونؤكِّد أنَّ عزَّنا الأكبر يكمن في تعليم شبابنا وتنمية كفاءاتهم.
حيث بدأ التعليم في المملكة من الكتاتيب والمساجد، فكانت تُعلِّم مبادئ القراءة والكتابة، وحفظ القرآن الكريم، ومع تأسيس الدولة السعوديَّة الحديثة، أُنشئت مديريَّة المعارف عام 1926، ثم تحوَّلت إلى وزارة المعارف عام 1953، لتبدأ مرحلة التوسُّع في التعليم العام، وافتتاح المدارس في المدن والقرى، وتأسيس الرئاسة العامَّة لتعليم البنات، وتم استقطاب المعلِّمين والمعلِّمات وتأهيلهم عبر الكليات والمعاهد، ووضعت الخطط لتوسيع التعليم الابتدائي والمتوسط والثانوي وفقًا لاحتياجات الدولة.
ومع الإعلان عن رُؤية المملكة 2030، أصبح للتعليم دورٌ مركزيٌّ في تحقيق الأهداف الوطنيَّة، حيث تم تحسين جودة التعليم ومواءمته مع احتياجات سوق العمل، والتركيز على التعليم التقنيِّ والمهنيِّ لتعزيز المهارات التطبيقيَّة التي يحتاجها سوق العمل، ودعم المعلِّمين ببرامج التدريب المستمر، وورش العمل والدورات الحديثة، والعمل على دمج التكنولوجيا بالتعليم من خلال استخدام الأدوات الرقميَّة والتعليم المدمَّج، والألواح الذكيَّة، والكتب الإلكترونيَّة وغيرها.
أمَّا في مجال التعليم الجامعيِّ، فتم التوسُّع في إنشاء الجامعات الحكوميَّة والأهليَّة؛ لتشمل عددًا كبيرًا من التخصصات في مختلف مناطق المملكة، مع الحرص على رفع مستوى الجامعات في التصنيفات المحليَّة والدوليَّة، وتطبيق أعلى معايير الجودة في التعليم، أمَّا في مجال تعزيز البحث والابتكار، فإنَّ المملكة خطت خطوات كبيرة في دعم المشروعات البحثيَّة وتحفيز الابتكار، وتشجيع ريادة الأعمال وتأسيس مراكز بحثيَّة متقدِّمة.
وكان لدور الشراكة بين الجامعات والقطاع الخاص والمجتمع المحليِّ أثر كبير في توجيه مخرجات التعليم إلى ما يحتاجه سوق العمل، ومواكبة التطور التكنولوجي والاقتصادي.
اليوم، وبعد قرابة قرن من الجهود، يقف التعليم السعودي شامخًا بما تحقق من إنجازات ضخمة، فوفقًا لتقرير الهيئة العامَّة للإحصاء بلغت نسبة معدل القراءة والكتابة لدى الكبار 97.03%، وبلغت ميزانيَّة التعليم في العام المالي 2025 ما قيمته 201 مليار ريال سعودي، أي نحو 16٪ من الإنفاق الحكومي، ما يجعل التعليم أحد أكبر بنود الإنفاق العام، وبلغ عدد طلاب الجامعات نحو 1.7 مليون طالب وطالبة في عام 2024م، فيما ارتفعت نسبة توظيف خريجي التعليم العالي بعد ستة أشهر من التخرُّج إلى 44.4٪ عام 2024؛ مقارنة بـ 13.3٪ فقط عام 2016. وفي المسارات التقنية والمهنيَّة بلغت النسبة نحو 47.8٪.
لقد أثبتت المملكة أنَّ الاستثمار في الإنسان هو أعظم استثمار، ومع كل إنجاز في التعليم، نقترب أكثر من تحقيق طموحات رُؤية 2030 التي جعلت بناء الإنسان السعودي هدفها الأول، وفي يومنا الوطني، نؤكِّد أنَّ عزَّنا الحقيقي سيبقى في تعليم شبابنا، فهم الأمل والضمان لمستقبل أقوى، ووطن أرقى، ومكانة أسمى بين الأمم، ونجدد العهد على أنْ نواصل الدعم لتعليم شباب وشابات هذا الوطن.