كتب محمد قنديل
تتألق سويسرا كل شتاء كجوهرة أوروبية نادرة، حيث تتحول جبالها وبحيراتها ومدنها التاريخية إلى لوحةٍ نابضة بالحياة تجمع بين المغامرة والسكينة. إنها الأرض التي تتحقق فيها أحلام الشتاء بكل تفاصيلها: منحدرات تزلج تمتد على مدّ البصر، وثلوجٌ نقية تعكس بريق الشمس الصباحية، ومضامير "هاف بايب" مذهلة لعشّاق المغامرات، ومساراتٌ لا تنتهي لعشّاق التزلج الريفي والمشي الشتوي بين الغابات البيضاء.
سواء كنت تخطط لعطلةٍ طويلة أو لإجازةٍ قصيرة تبعث على التجدد، فستجد في سويسرا كل ما يلهم حواسك ويملأ أيامك بالمتعة - من تجارب الطعام الفاخرة إلى الأجواء الاحتفالية التي لا مثيل لها. هنا، يلتقي دفء الضيافة السويسرية مع سحر الطبيعة الشتوية لتصنع تجربة تبقى في الذاكرة مدى الحياة.
جنيف - أناقة الشتاء بين ضفاف البحيرة وجبال الألب
مع خيوط الصباح الأولى التي تلامس أفق جنيف، ينعكس الشفق الوردي على سطح بحيرة ليمان ليخلق مشهدًا شاعريًا يأسر الأنفاس. ما عليك سوى ارتداء معطفك الشتوي والانطلاق لاستكشاف مدينةٍ تجمع بين الرفاهية والدفء الإنساني.
ابدأ نهارك بجولةٍ بين المتاحف الفنية والعلمية التي تزدان بها المدينة، ثم دلّل نفسك بكوبٍ من الشوكولاتة الساخنة في أحد المقاهي المطلة على البحيرة. وفي المساء، لا تفوّت زيارة سوق عيد الميلاد الساحر الذي يملأ المكان بأصوات الموسيقى وروائح الكستناء المحمصة.
وخلال شهر ديسمبر، تحتفل المدينة بمهرجان "الإسكالاد" الشهير، حيث تعود الأزقة القديمة إلى أجواء القرون الوسطى عبر مواكبٍ واحتفالاتٍ تمجد شجاعة أهل جنيف، في مشهدٍ ثقافي فريد يجمع الماضي بالحاضر.
ولعشاق الراحة والرفاهية، تحتضن جنيف أفخم منتجعات السبا والعلاجات الحرارية، فضلًا عن مجموعةٍ من المطاعم الحائزة على نجوم ميشلان، تقدم أرقى المأكولات السويسرية والعالمية.
وبفضل موقعها المميز عند سفوح الألب وعلى مقربةٍ من أشهر منتجعات التزلج مثل شاموني ومون بلان، تُعدّ جنيف بوابةً ذهبيةً إلى عالم الثلوج والمغامرات الشتوية. إنها نقطة التقاء سحر الطبيعة ورُقي المدينة، لتصوغ للزائر تجربة شتوية مترفة وممتعة لا تُمحى من الذاكرة.
لوسيرن – قلب سويسرا النابض بين الضوء والثلوج
حين يحلّ الشتاء، تتحول منطقة بحيرة لوسيرن إلى مسرحٍ ساحر تملؤه أنوار الأعياد وروائح الشوكولاتة والتوابل الدافئة. ابتداءً من منتصف نوفمبر، تعمّ الأجواء الاحتفالية أرجاء المدينة مع أسواق عيد الميلاد التي تزدان بالأكشاك الخشبية الصغيرة، حيث تتلألأ الزينة ويصدح صوت الموسيقى الكلاسيكية في الممرات التاريخية.
وفي يناير، يأسر مهرجان "لي لو" للأضواء قلوب الزوار عندما تتزين شوارع المدينة وأبنيتها العريقة بعروض فنية ضوئية مذهلة، فتتحول لوسيرن إلى معرضٍ فني في الهواء الطلق يمزج بين الإبداع والتاريخ.
ومع ذروة الشتاء، يأتي الكرنفال الكبير ليغمر المدينة بموجةٍ من الفرح والموسيقى والملابس التنكرية الزاهية، في احتفالٍ يعكس روح لوسيرن المرحة وتقاليدها العريقة.
ولأنها محاطة بجبال مكللة بالثلوج مثل جبل بيلاتوس وجبل تيتليس، تمنح المدينة زوارها فرصةً مثالية لاكتشاف الطبيعة من منظورٍ فريد – سواء عبر رحلاتٍ بانورامية بالتلفريك، أو مغامراتٍ ثلجية على القمم العالية.
بموقعها في قلب سويسرا، تبقى لوسيرن نقطة انطلاقٍ استثنائية لاستكشاف مدنٍ أخرى مثل إنترلاكن وزيوريخ، ما يجعلها وجهة لا غنى عنها في كل رحلة شتوية إلى البلاد.
موسم يُروى بالبياض والسعادة
سويسرا في الشتاء ليست مجرد وجهة، بل تجربةٌ متكاملة للحواس – مشهدٌ يجمع بين الجبال الشامخة، والمدن المزدانة بالأنوار، والأجواء الدافئة التي تغمر كل زاوية. إنها دعوة مفتوحة لكل من يبحث عن الجمال النقي، والسكينة، واللحظات التي لا تُنسى تحت سماءٍ تلمع بالثلوج ودفء الضيافة السويسرية.


